الحرب العالمية الثانية هي نزاع دولي بدأ في 7 يوليو 1937 في آسيا و 1 سبتمبر 1939 في أوربا وانتهت الحرب في عام 1945 باستسلام اليابان، تعد الحرب العالمية الثانية من الحروب الشموليةً وأكثرها كُلفة في تاريخ البشريةً لاتساع بقعة الحرب وتعدد مسارح المعركة، فكانت دول كثيرة طرفاً من أطراف النزاع. فقد حصدت الحرب العالمية الثانية زهاء 50 مليون نفس بشرية بين عسكري ومدني.
تكبّد المدنيون خسائر في الأرواح إبّان الحرب العالمية الثانية أكثر من أي حرب عرفها التاريخ، ويعزى السبب لتقليعة القصف الجوي على المدن والقرى التي ابتدعها الجيش الألماني على مدن وقرى الحلفاء مما استدعى الحلفاء الرّد بالمثل، فسقط من المدنيين من سقط من كلا الطرفين. أضف الى ذلك المذابح التي ارتكبها الجيش الياباني بحق الشّعبين الصيني والكوري الى قائمة الضحايا المدنيين ليرتفع عدد الضحايا الأبرياء والجنود الى 51 مليون قتيل، أي ما يعادل 2% من تعداد سكان العالم في تلك الفترة!
تمهيد حاول الحزب النازي الدمج بين شعار ألمانيا التقليدي وشعار الحزب النازي ليبين أن الاثنان وجهان لعملة واحدةالامتعاض من معاملة القوى المنتصرة لألمانيا و سوء و تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب التكاليف الباهظة والديون التي تكبّدتها ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى وإبرام معاهدة فيرساي و الكساد الاقتصادي العالمي أهّل أدولف هتلر و حزبه اليميني المتطرّف إلى الأخذ بزمام الأمور واعتلاء كرسي الحكم في ألمانيا. ثم قام هتلر بتحدّي المعاهدات المبرمة بين ألمانيا والحلفاء بعد الحرب العالمية الأولى بالعمل على تطوير الجيش الألماني و حشد القوات والعتاد على الحدود الفرنسية الألمانية والاتحاد مع النمسا وضم أجزاء من تشيكوسلوفاكيا بمباركة أنجلو-فرنسية.
في العام 1922، وصل "بينيتو موسوليني" و حزبه الفاشي إلى دفّة الحكم في ايطاليا، و يتّفق كل من الحزب الفاشي بقيادة موسوليني والحزب النازي بقيادة هتلر في بعض الأهداف الإيديولوجية، فشكّل الاثنان اتفاقية جمعت بلديهما وسمّيت الاتفاقية بالمحور في العام 1936. أما فيما يتعلّق بالجانب الشرقي من العالم، فقامت الإمبراطورية اليابانية بغزو الصين في سبتمبر 1936. وبالرغم من معارضة الحكومة اليابانية للغزو، إلا أن الجيش الإمبراطوري الياباني لم يعبأ بمعارضة حكومة بلاده و مضى قُدُماً في غزوه للصين.
في العام 1939، قام هتلر بالمطالبة ببعض من أراضي بولندا وقام بالتوقيع على اتفاقية "عدم اعتداء" بين المانيا و الاتحاد السوفييتي كردة فعل على اتفاقية الدّفاع المشترك بين كلّ من بريطانيا-فرنسا وبولندا. و في الأول من سبتمبر 1939، قامت القوات النازية بغزو بولندا، وفي الثالث من سبتمبر من نفس العام، أعلنت كلّ من بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا. وفي غضون أسبوعين من الغزو النازي لبولندا، قام الجيش الأحمر بغزو بولندا هو الآخر. و قبل أن يتسنّى للجيش البريطاني والفرنسي من تشكيل هجوم على بولندا لدحر الغزو النازي لبولندا، كانت القوات النازية قد انتهت من السيطرة على بولندا وإنهاء مناوشات الجيش البولندي والنازي في غضون 3 أسابيع.
المسرح الأوروبي الفترة التي أعقبت الغزو النازي لبولندا (اكتوبر 1939) وحتى الغزو النازي لبلجيكا، وهولندا، ولوكسيمبورج، وانتهاءً بغزو فرنسا (مايو 1940)، بالحرب المزيفة لعدم مشاركة القوى العظمى في مسرح العمليات واقتصار المعارك في المسرح الأوروبي على القوات النازية وصغار الدول بالرّغم من إعلان الحرب على ألمانيا النازية من قِبل بريطانيا وفرنسا.
تحرّكت القوات النازية والروسية من بولندا واتّجه الجيش الأحمر ليركز بشكل أكثر على دول البلطيق وفنلندا حيث دارت الحرب الشتوية التي شدّت انتباه العالم لانعدام الأعمال العسكرية في بولندا، بينما اتّجة الجيش النازي جهة الدنمارك والنرويج وعزّزت القوات الفرنسية مواقعها عل الحدود الفرنسية الألمانية، وباستثناء بعض المناوشات العسكرية بين القوات الفرنسية والألمانية، لم يكن هناك شيء يذكر لأن كل من فرنسا والمانيا كانتا منهمكتين في حشد الجنود والعتاد في تلك الفترة. في مايو 1940، استعملت القوات النازية تكتيكاً عسكرياً جديداً سمّي بـ "الحرب الخاطفة" (1) مما مكن القوات النازية من السيطرة على فرنسا وهزيمة الجيش الفرنسي والبريطاني. وتقهقر الجيش البريطاني إلى مدينة "دنكيرك" الساحلية وترك أسلحته الثقيلة في الساحة الفرنسية فقامت حكومة "تشرشل" باستخدام السفن العسكرية بل وحتّى التجارية في إجلاء الجنود البريطانيين من الساحل الغربي لفرنسا. ولم يبق خيار للحكومة الفرنسية غير خيار الاستسلام للجيش النازي مما مكّن الجيش النازي من إحكام السيطرة على الشمال الفرنسي وتنصيب حكومة فرنسية موالية لألمانيا النازية في الشطر الجنوبي من فرنسا.
لم يتمكن سلاح الجو الألماني من هزيمة غريمه البريطاني فكان من الضروري قهر سلاح الجو البريطاني ليتسنّى للألمان غزو الإنجليز، فاتّبع الألمان سياسة مكثّفة بالقصف بالقنابل على بريطانيا، أملاً في إخضاع الإنجليز، وباءت محاولات الألمان بالفشل.
بالرغم من إتفاقية عدم الاعتداء بين ألمانيا والاتحاد السوفييتي، إلا أن ألمانيا قامت بغزو الاتحاد السوفييتي في يونيو 1941. فقد أخذ الألمان الروس على حين غرّة، وكسبت ألمانيا أراض روسية شاسعة وأسرت مئات الآلاف من الجنود الروس. وبعدما أفاق جوزيف ستالين مما ألمّ به، أخذ الروس في إعادة ترتيب أوراقهم خصوصا أن الروس استطاعوا الاحتفاظ بعتادهم العسكري الثقيل بعد رجوعهم إلى الوراء نتيجة الغزو الألماني. استمات الروس وقدّموا الغالي والنفيس في الذود عن العاصمة موسكو واستمر العناد الألماني حتى فصل الشتاء. ولم يكن في بال هتلر استمرار المقاومة الروسية حتى فصل الشتاء، إذ لم يتم تجهيز الجيش الألماني وتزويده بخطوط الإمداد لهذه الفترة. فمرّ فصل الشتاء على الجيش الألماني بقسوة نتيجة التخطيط السيء لغزو موسكو. وبحلول فصل الربيع، احتار الألمان بين المضي قدما في احتلال موسكو أم الاكتفاء بالسيطرة على حقول النفط القوقازية.
إختار الألمان السيطرة على حقول النفط القوقازية عوضاً عن احتلال العاصمة موسكو. وفي العام 1942، سحقت القوات السوفييتية قوات المحور الأمامية في الجنوب السوفييتي وقامت بتطويق الجيش الألماني السادس في معركة "ستالينجراد"، واستسلم 300,000 جندي ألماني في نهاية الحصار. كارثة ستالينجراد كانت نقطة التّحول في مسرح العمليات الحربية الأوروبية وبداية العدّ التنازلي لهيمنة "الرايخ الثالث" على أوروبا. فبعد كارثة ستالينجراد، تكبّد المحور كارثة تونس التي هُزم فيها المحور وتم أسر ربع مليون جندي ألماني وإيطالي من جنود المحور. استعمل الحلفاء شمال أفريقيا كنقطة انطلاق لقهر مارد المحور من الجنوب بعد إحكام القوات الروسية على الجبهة الشرقية.
سقطت إيطاليا بعد تحرّك الجيش البريطاني إليها من شمال أفريقيا وبعد مقاومة شرسة من الجيش الألماني للأراضي الإيطالية في سبتمبر 1943.
أحكم الحلفاء قبضتهم على المارد الألماني ودول المحور ولم يتبق إلا عُقر دار الرايخ الثالث في برلين، فقامت جحافل الجيش الأمريكي بالإنزال الشهير على شواطيء "نورماندي" في يونيو 1944 ونتج عن هذا الإنزال تحرير جُل فرنسا وبلجيكا، وهولندا، ولكسمبورغ في أواخر عام 1944. في هذه الأثناء، وصل الجيش الأحمر إلى مشارف مدينة برلين من جهة الشرق، معقل الرايخ الثالث، واُسدل الستار على ألمانيا النازية بانتحار هتلر، ثم استسلام ألمانيا استسلاماً غير مشروط في 7 مايو 1945
الضحايا فقد حوالي 70 مليون شخص حياته في الحرب العالمية الثانية، حوالي 20 مليون جندي و50 مليون مدني (التقديرات حول الرقم الصحيح تختلف). وذلك يتضمن ما يقدر بـ 11 مليوناً ذهبوا ضحايا للمحرقة، جزء كبير من هؤلاء (يقدرون ب6 ملايين) من اليهود، والباقي بولونيين ورومان ومثليين وشيوعيين ومعارضين وأفارقة ألمان ومعاقين وأسرى سوفييت وغيرهم.
خسر الحلفاء في الحرب العالمية الثانية حوالي 12.3 مليون عسكري، منهم 8 ملايين سوفييتي وخسرت قوات المحور 7.2 مليون عسكري منهم 5 ملايين ألماني. كانت خسائر السوفييت هي الأكبر في الأرواح، فخسرت ما مجموعه 28 مليون ضحية، منهم 20 مليون مدني و8 ملايين عسكري. وتشير التقديرات إلى أن الخسائر البشرية للحرب العالمية الثانية كانت موزعة بنسبة 84% للحلفاء و 16% لقوات المحور.
عالم من الخراب
في نهاية الحرب، كان هناك ملايين اللاجئين المشردين، إنهار الاقتصاد الأوروبي ودمر 70% من البنية التحتية الصناعية فيها.
طلب المنتصرون في الشرق أن تدفع لهم تعويضات من قبل الأمم التي هزمت، وفي معاهدة السلام في باريس عام 1947، دفعت الدول التي عادت الاتحاد السوفييتي وهي هنجاريا، فنلندا ورومانيا 300 مليون دولار أمريكي (بسعر الدولار لعام 1938) للاتحاد السوفييتي. وطلب من إيطاليا أن تدفع 360 مليون دولار تقاسمتها وبشكل رئيس اليونان ويوغوسلافيا والاتحاد السوفييتي.
على عكس ما حدث في الحرب العالمية الأولى، فإن المنتصرين في المعسكر الغربي لم يطالبوا بتعويضات من الأمم المهزومة. ولكن على العكس، فإن خطة تم إنشاؤها على يد سكرتير الدولة جورج مارشال، سميت "برنامج التعافي الأوروبي" والمشهور بخطة مارشال، وطلب من الكونجرس الأمريكي أن يوظف مليار دولار لإعادة إعمار أوروبا، وذلك كجزء من الجهود لإعادة بناء الرأسمالية العالمية ولإطلاق عملية البناء لفترة ما بعد الحرب، وطبق نظام بريتون وودز الاقتصادي بعد الحرب.
أدت الحرب أيضاً إلى زيادة قوة الحركات الانفصالية بين القوى الأوروبية، والمستعمرات في أفريقيا، آسيا وأمريكا، وحصل معظمها على الاستقلال خلال العشرين عاما التي تلت.