المحور الأول
تفوق خطورة داء السيدا أوالإيدز أو فقدان المناعة المكتسبة أو العوز المناعي المكتسب كل التصورات ، حيث يصيب هذا المرض الإعفاني منظومة الدفاع القائمة على المناعة ويتسبب فيه فيروس من فصيلة الفيروسات الارتيادية و يطلق المختصون عليه اسم فيروس vih وهو مخلوق ذو حجم صغير جدا لا يرى إلا بالمجهر الالكتروني ، و تكوينه الهيكلي بسيط جدا و لا يعيش إلا داخل الخلايا الحية التي يصيبها بحيث يحولها إلى معامل إنتاج فيروسات على حساب مكونات الخلية، و يتكون الفيروس من غلاف خارجي و جسم يحتوي بدوره على نواة و يوجد داخلها حامض نووي وأنزيم الناقلة العكسية و أنزيم البروتيازو الماتريكس ، و قد عزل هذا الفيروس لأول مرة سنة 1983 في معهد باستور بباريس . و انتشر بسرعة كبيرة ليعم دول العالم عامة و دول العالم الثالث خاصة ،الأمر الذي يؤدي إلى حدوث مشاكل تهم كل القطاعات سواء منها الصحية أو الاجتماعية أو الاقتصادية .ويعتبر ظهوره تحديا لرجال العلم الذين ظنوا أنهم حققوا نجاحا باهرا، والحقيقة أنهم فشلوا في مواجهة عدة مشاكل بما فيها هذا الداء رغم كونهم توصلوا إلى معرفة الفيروس ،ومسببه ،ووسائل الوقاية منه ،وقد لوحظت الإصابات الأولى للسيدا سنة 1981في الولايات المتحدة الأمريكية لكن الدراسات تؤكد وجود حالات قبل هذا التاريخ في أماكن أخرى من العالم لكن التقدم العلمي لم يكن كافيا للكشف عنه آنذاك .وقد أطلقت كذلك بعض الافتراضات بأن المصدر الرئيسي للداء من إفريقيا و يرجع ذلك إلى إجراء اختبارات على بعض العينات من الدم جمعت من إفريقيا منذ40 سنة .كما ترجع هذه الفكرة أيضا لاكتشاف العلماء لفيروس شبيه بفيروس السيدا عند القردة الإفريقية و بالنسبة عما شيع أن الفيروس من صنع المختبرات الجاسوسية لبعض الدول فلا أساس له من الصحة .
المحور الثاني :
سنتطرق فيه عن وسائل ظهور هذا الوباء وانتشاره فهي كالتالي :نقل الدم الملوث من واهب مصاب إلى آخر سليم،عدم الوعي الصحي،استعمال الحقن الملوثة بالفيروس .كما في حالة المدمن على المخدرات زد على ذلك العلاقات الجنسية بين شخص مصاب وآخر سليم،و يعتبر هذا الأخير هو السبب الرئيسي للإصابة بهذا المرض،إضافة إلى ذلك، الفقر وتدهور العيش وسوء التغذية .وأغلب الحالات المرضية التي يتم تشخيصها في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية قد ظهرت لدى أشخاص ينتمون إلى إحدى الفئات الثلاث التالية :
- فئة الشواذ الجنسيين الذين لهم علاقات جنسية مع أشخاص متعددين و يتعاطون الدعارة ولا يستعملون العازل الطبي في هذه العلاقات .
- أما الفئة الثانية فهي فئة مدمني المخدرات الذين يستعملون الحقنات الملوثة المستعملة من طرف أشخاص آخرين وكذا الأدوات الحادة الغير المعقمة كشفرات الحلاقة و المقص و ثقاب الأذنين و أدوات طبيب الأسنان وتدخل في هذه الفئة أيضا المرضى بالهيموفيليا الذين يصابون بنزيف لأدنى.صف الأسباب، و تتطلب حالتهم بالتالي عمليات نقل الدم بكيفية مستمرة ومنتظمة . وقد يحدث أن تغيب المراقبة الطبية الصارمة أثناء عملية نقل الدم فيؤدي إلى الإصابة بالفيروس .و كما يمكن أن ينتقل عن طريق المني والأعضاء والأنسجة التي يتم زرعها عند عدم إخضاعها للمراقبة المخبرية للتحقق من خلوها من الميكروبات والفيروسات، وهذا الأخير يستغل أيضا الجروح الناتجة عن الأمراض الجنسية الأخرى لكي يتسرب عبرها إلى داخل الجسم .
- ثم يأتي دور الفئة الثالثة ألا وهي فئة الأمهات الحوامل الحاملات لهذا الفيروس حيث تنتقل عدواهن هذه إلى جنينهن أو طفلهن قبل أو بعد أو خلال الولادة، وتقدر بنسبة تتراوح بين %10 إلى %20 و بالإ مكان الخفض من هذه النسبة إلى أقل من %5 إذا ما خضعت الأم للمراقبة الطبية المستمرة وتناولت الأدوية المضادة للفيروس خاصة خلال الأشهر الأخيرة من الحمل،أو إجراء عملية قيصرية أو إخضاع الوليد لنفس علاج الأم خلال ستة أسابيع الأولى من الولادة .ويمكن للرضاعة الطبيعية أن تنقل الفيروس و ينصح مع ذلك بها لأن الاحتمال يبقى ضئيلا ومع المراقبة الطبية المستمرة للطفل وبمساعدة كل هذه العوامل ينجح فيروس السيدا في الدخول إلى الجسم ومهاجمة خلايا الجهاز المناعي ويدمر بشكل خاص صنفا معينا من هذه الخلايا هي الكريات اللمفاوية t وهذه الخلايا هي التي تتولى في الأحوال العادية إنتاج الأجسام المضادة إذ يفقدا لجسم قدرته الدفاعية ،فيصبح غير قادرا على مقاومة المرض والتعفنات التي قد تسببها الجراثيم في الوسط الخارجي ،أو أخرى كانت موجودة بداخل جسمه ولكنها لم تكن تسبب أي أذى، وذلك أن الجراثيم على اختلاف أنواعها سوف تستغل الآن فقدان المناعة للجسم لتتكاثر. وبعد10سنوات أو أكثر من الإصابة تظهر عليه أعراض مرضية مختلفة والتي تتمثل في ثلاث مراحل :
- المرحلة الأولى أو ما يسمى الكامنة،يكون الشخص حاملا للفيروس دون أن تظهر عليه أي أعراض مرضية، و يستطيع المريض في هذه الفترة ممارسة حياته بصورة طبيعية وهو قادر على نقل الفيروس إلى الآخرين بالطرق المسبوق ذكرها، و تدوم هذه الفترة عدة سنوات.
وتأتي بعدها المرحلة الثانية :أو ما قبل السيدا و تتميز بعدة أعراض خفيفة كالإرهاق و السعال مع ضيق في التنفس وارتفاع درجة حرارة الجسم، و انتفاخ الغدد اللمفاوية و العنقية و تحت الساعدين و تورم على مستوى الكبد والطحال .
وأخيرا المرحلة الثالثة : وهي الفترة الحاسمة في المرض حيث تظهر على المريض أعراض خطيرة تتمثل في تدهور للحالة الصحية العامة بما في ذلك تعفن على مستوى الرئتين والجهاز الهضمي والعصبي مما يؤدي به إلى فقدان المصاب لتوازنه البدني وإصابته بجروح على مستوى الجلد مما يسبب تعفنات خطيرة، إضافة إلى الهزل والنحافة والإسهال الحاد . وكذا الأورام السرطانية والتعفنات الانتهازية .
المحور الثالث:
تجدر الإشارة فيه إلى أن هذا المرض الوبيل لا ينتقل من شخص لآخر سوى عن طريق الاتصال الجنسي أو عن طريق الدم ،ومعنى ذلك أن العدوى لا تنجم عن مصافحة الشخص المصاب أو التحدث إليه ومشاركته الطعام أو الشراب أو السباحة في نفس الحوض ،أو استغلال نفس الأواني والمائدات المنزلية التي يستعملها.وقد زادت كذلك الأبحاث والتجارب العلمية تأكيدا على أن الحشرات والحيوانات لاتنقل الوباء إلى الإنسان، كما أنه لا يكون وراثيا أبدا. و قد عرف هذا الوباء تزايدا كبيرا في دول أفريقيا جنوب الصحراء ودول أوربا الشرقية ودول آسيا ليعكس وضع الدول المتقدمة التي عرفت تراجعا نسبيا لهذا المرض بفضل الإمكانيات الهامة التي عبئت لمواجهته بحيث أصبح الداء منحصرا في الأوساط المهمشة و يصيب كافة الناس بنسبة تتوزع وقد ظهرت أولى حالات السيدا في المغرب سنة 1981و منذ ذلك الحين أصبح عدد الحالات في تزايد مستمر حيث سجل البرنامج الوطني إلى غاية 31 دجنبر 2000 ما مجموع 834 حالة مرض متوسط عمرها 35 سنة أما عدد حاملي الفيروس فيقدر ب15000حالة تقريبا .و بهذا اتخذت الدولة الإجراءات الأولية اللازمة و التدابير المتخذة لمواجهة السيدا، و تكثيف المراقبة في الأوساط الطبية و تنظيم حملات إعلامية واسعة النطاق للتحسيس بخطورة المرض كما هو الحال في تطوان حيث أنشأت المنظمة الأفريقية مركزا للشباب بحي كرة السبع كفضاء للتوعية ومقاومة انحراف الشباب .أما عن العالم فيقدر عدد حاملي الفيروس ب:36.1 مليون شخص . ويتم تشخيص المرض عن طريق الاختبارات وتحاليل تجرى على الدم وهما تحليلين رئيسيين: تحليل اليزا وهو التحليل الأساسي الأكثر استعمالا للكشف عن الأجسام المضادة الفيروس في الدم، وتعتبر تقنية بسيطة وسريعة وقليلة التكلفة وهي الأكثر حساسية للكشف عن هذا الفيروس.ولابد من إثبات نتيجتها بالتحليل التأكيدي وهو تحليل western blot والذي يرمز له ب :(wb).وهو فحص يسمح بالتوفر على رؤية دقيقة تمكن من معرفة مركبات الفيروس التي تتوجه إليها الأجسام المضادة التي كشفها عنها فحص اليزا وتوجد أيضا تحاليل أخرى ذات تكلفة باهضة ، ترتكز على كشف على مكونات الفيروس وتحاليل تستعمل من أجل متابعة تطور الداء وتقسيم العلاج وهي كالتالي : دراسة وإحصاء الكريات الدموية البيضاء، قياس كمية أجسام الفيروس داخل الجسم. الفيروس وتحاليل تستعمل من أجل متابعة تطور الداء وتقييم العلاج وهي كالتالي :
- دراسة وإحصاء الكريات الدموية البيضاء
-قياس كمية أجسام الفيروس داخل الجسم
المحور الرابع:
أما عن اللقاح فحتى يومنا هذا لم يتوصل المختصون إلى إعداد واحد فعال للوقاية من هذا الداء الفتاك . وتكمن الصعوبة الكبرى في هذا المضمار في خاصية هذا الفيروس الذي يهاجم الجهاز المناعي مباشرة فلا يترك للجسم فرصة للدفاع عن نفسه، وإلى التحولات الكبيرة التي تعرفها بنيته ، زد على ذلك كون الفيروس ينقسم إلى ثلاثة فئات ويتوزع إلى نوعين وإلى عدة أصناف ويختلف وجود هذه الأنواع والأصناف حسب القارات والدول . أما فيما يتعلق بالعلاج فإن العقاقير الطبية المتوفرة في الوقت الراهن لا تمكن من القضاء على فيروس السيدا VIH، ولكنها تحول إلى حد ما دون تكاثره في الجسم وفي هذا الإطار حقق ما يسمى بالعلاج الثلاثي وهو مكتشف حديثا يمكن به التحكم في المرض ، وتحقيق تحسن ملموس في حالة المرضى دون التوصل إلى القضاء عليه نهائيا ، لكن تكفلته باهضة تقدره ب 6000درهم شهريا للمريض الواحد، ويمكن هذا العلاج من توقيف عمل أنزيم الناقلة العكسية وأنزيم البروتياز. وتتجلى وظيفة الأنزيم الأول في تحويل الحامض النووي إلى حامض ناقص الأكسجين حتى يتمكن من الاستقرار داخل نواة الخلية المصابة ، وتتحدد وظيفة أنزيم الثاني في استعمال تكوين لفيروسات داخل خلية جسم الانسان ، ومن بين الادوية التي توقف انزيم الناقلة العكسية نذكر 3T و D4T و DDI و azi.أما الادوية التي توقف أنزيم البروتياز فهي كالتالي indinavir saquinavir ritivavir وتتخلص عملية العلاج الثلاثي إذن في توجيه ضربتين للفيروس، الضربة الأولى عند ولوجه اتباع هذا العلاج بانتظام أمر صعب جدا بسبب المضاعفات الجانبية الكثيرة التي تصاحبه مع العلم أن المريض محكوم عليه بمواصلته مدى الحياة . زد على تكلفته الباهضة ،هذا بعض النظر المصاريف المرهقة الأخرى المتعلقة بالأدوية التكميلية والتحاليل الطبية . وقد ظهرت أخيرا مقاومة الفيروس للعلاج الثلاثي بنسبة %10 منعدم الحالات ، مما يزيد المشكل صعوبة ، وتشعبا اكثر وقد تظهر آيا تشوهات في بعض الحالات كما هو الحال بالنسبة للمولود والمرأة الحامل الخاضعة للعلاج . والحاملين للفير وس بدون أعراض يخضعون أيضا للعلاج بتناول دوائين اثنين فقط في أغلب الأحيان ويبقى العلاج الثلاثي احتياطيا لعلاج المرضى ، ويهم الحالات الإستعجالية الناتجة مثلا عن لمس دم شخص مصاب أ و عن ممارسة الجنس في ظروف تعرض للاصابة بالفيروس ويدوم هذا العلاج شهرا واحدا وله فوائد
المحور الخامس:
تتمثل في تخفيض نسبة الاحتمال التعرض للاصابة وتظل الآن الوقاية في غياب لقاح ناجح وعلاج فعال هي الوسيلة انجح للحد من هذا الوباء الفتاك وذلك بوسائل مختلفة تتركز اساسا على تربية وتثقيف المريض وحاملي الفيروس والافئات الاكثر عرضة للاصابة وشباب ومهني الصحة والجمهور العريض ، وفي ما يخص تالاجراءات التي يجب اتخاذها لتجنب الاصابة بهذا الداء فهي كالتالي:
- عدم ممارسة الجنس الغير الشرعي وتجنب الدعارة ونعدد الشركات في العلاقات الجنسية وفي حالة وقع ذاك ينصح باستعمال العازل الطبي .
- عدم تعاطي المخدرات بصفة عامة وعن طريق الحقن بكيفية خاصة
- عدم استعمال ادوات الحادة الغير المعقمة اوذات استعمالات المتعددة
- التأكد ايضا من اخضاع الدم المتبرع به لشخص ما للمراقبةالمخبرية لضمان عدم تلوثه بفيروس السيدا او جراثيم اخرى
- التاكد ايضا من اخضاع المني والاعضاء المزمع زرعها لاشخاص آخرين للمراقبة المخبرية .
ويكمن تلخيص التدابير الوقتائية في تنظيم حملات اعلامية تحت جميع على تبني سلوكات سليكة تحميه وتحمي الاخرين من السيدا او الامراض المنقولة جنسيا الاخرى ،ودلك باشراك جميع الفعاليات خاصة مهني الصحة ،ويمكن اللجوء الى جميع انواع التواصل ،بما في ذلك التواصل الجماهري والتواصل القرابي مع توظيف الاعلام ،ويعتبر التواصل القرابي اكثر فعالية .ويجب ايضا تجنب السقوط في بعض الاخطاء في هذا الميدان كتخويف الناس كما ينبغي كذلك الحث من خلال هذه الحمالات على استمال العازل الطبي لماله من فعالية في الوقاية منهذا الداء والامراض الجنسية الاخرى المتعرف بها دوليا إذا ما استعمل بكيفية جيدة و يجب تدكير بان هذا المنتوج صالح للاستعمال مرة واحدة فقط وفي حالة الاستعمال مواد ملينة لهذا العازل يجب تجنب المواد الزيتية كالعازلين وتعويها بدهون اساسها مائي ، وفي غالب الأحيان ، العازل الطبي يكون ماليأ في المصنع ، وتجدر الاشارة الا ان هذا المنتوج هشا ويخشى الحرارة والرطوبة والضوء والاشعة والمواد الكيماوية ويمكن استعمال 5 سنوات بعد صنعه اذ ما تم تخزينه في الظروف الملائمة وثمنه في السوق المغربية هو 5،0درهم وهو ثمن بحسن جدا مقارنة مع فائدته ويعتبر ايضا من الوسائل الناجحة امنع الحمل كما ينبغي ايضا تجنب المراة الوقوع في الحمل لان ذلك يشكل خطرا كبيرا على الجنين واخيرا يجب القول كنقطة الختام ان الوعي و الوقاية هما عنصران الاساسيان لعلاج السيدا وكلما كان العلاج مبكرا كان الامن في الشفاء الاكبر وبهذا نكون قد ختمناعرضنا هدا آملينا ان نكون قد اكتسبنا جميعا معلومات و فوائد متعددة تنفعنا تفيدنا في حياتنا المستقبيلية .
والله يحفظنا ويحفظكم من كل الامراض الخبيثة