عندما نتحدث عن اطفال العراق نتحدث عن صورمأساوية واضطهاد وتشويه لعالم يطلق عليه عالم الزهور او البراعم فقد تعرض هذا العالم الجميل كما تعرض المجتمع العراقي الى اقسى انواع العذاب والاضطهاد والحرمان ولم يتمتع اطفال العراق مقارنة بأطفال العالم المتقدم او المتوسط بالحد الادنى من الحقوق.. الطبيعية والانسانية وتلك التي نصت عليها القوانين والتشريعات الخاصة. واذا اردنا ان نعدد حالات امتهان الطفل العراقي لابد من ذكر حالات استغلاله المقيتة وخاصة في مجال التشغيل الجائر خارج السن القانوني تدني المعيشة يقول الباحث كاظم شمخي السوداني في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ان استفحال هذه الظاهرة التي اصبحت دولية يندر ان يخلو منها مجتمع من المجتمعات طالما هناك تفاوت صارخ في مستويات المعيشة الناجم عن سوء توزيع الثروات وتاثير الاوضاع الاجتماعية الشاذة على مشاعر الاحداث وتطلعاتهم وقلة فاعلية المؤسسات التربوية في تطوير طرائق التعليم المشوقة وسوء استخدام اساليب التقويم وعدم التنبؤ بالانحراف قبل وقوعه لغياب جهاز المراقبة والتحصين الذاتي من موجات الافلام العنف والجريمة والاقتتال وعروض برامج الخلاعة والاباحية التي تبثها الفضائيات ومظاهر التربية والارستقراطية التي يتعلق بالنشور الحضارية وغياب السياسات الوقائية الفعالة التي تجد من هذا الانحدار. وان من المعضلات التي تواجه السياسات التقويمية للطفولة الجانحة انها تستند الى النظر من زاوي ضيقة ة طبيعية تتمثل بالجانب الاجتماعي واعتبار السلوك المنحرف من زاوية طبقة تتمثل بالجانب الاجتماعي واعتبار السلوك المنحرف من اختصاص الاجتماعيين فحسب فبينما هي مجال رحب لتطبيق نظريات نفسية وتربوية وفرصة لفعاليات العلوم الطبية والعصبية ويمكن الاستفادة مما احرزه علم النفس من ابداع من معالجة امراض الطفولة الجانحة خصوصاً اذا اقتربت هذه الدراسات الحيوية بملاحقة الاثار الاقتصادية التي تعد لها هذه الظاهرة وهي بلا شك في بنيان المجتمع الواعد لذا افان تساع وضيق هذه الظاهرة يرتبط ارتباطاً وثيقا بالاوضاع الاجتماعية والمعاشية لعموم البلاد فعندما شهدت الاوضاع الاقتصادية اضطرابا وتبديدا لثروات البلاد وازدياد الانفاق على المجهود الحربي جراء تعدد الحروب التي دخلتها البلاد وغياب التخطيط لاستثمار موارد البلاد وثرواتها في مشاريع تنموية تعود بالنفع على المواطنين فان نتيجة ذلك كان الانعكاسات والتاثيرات السلبية في انخفاض مستوى دخل الاسرة العراقية واتساع جيش العاطلين واضطرار اعداد كبيرة من الاحداث والاطفال الى التسرب من الدراسة والالتحاق بالاعمال الصعبة التي لاتتناسب مع قدراتهم الجسدية والعمرية. الاسباب المباشرة وماهي الاسباب المباشرة للمشكلة يجيب قائلاً.. ان اسباب تشكيل الاحداث كثيرة منها اسباب اجتماعية واقتصادية مثل فقدان المعيل او كثرة افراد العائلة الواحدة وان عملية منع تشغيل الاحداث دون ايجاد الحلول يؤدي الى التسول او التشرد او الجنوح ويتركز تشغيل الاحداث واسبابه في النقاط التالية: ـ تدني دخل العائلة وزيادة عدد افرادها فهذا السبب دفع لكثير من العوائل الى ايجاد موارد اضافية وخصوصاً في المشاريع الصناعية القريبة من سكنها مثل محلات الحدادة والسمكرة وتصليح السيارات والمهن البسيطة الاخرى. ـ رخص وانخفاض اجور العمال الاحداث قياساً الى الاجور الاخرى حيث يفضل كثير من ارباب العمل تشغيل الاحداث بسبب انخفاض اجور الاحداث وبما يجعل رب العمل يفضله على العامل البالغ وخاصة في اعمال مثل المصبويات والزجاج والبناء ـ الاعمال التي يصعب فيها عمل الكبار مثل رفع القمامة والتنظيف واعمال صيانة السيارات وغسلها حيث يتعذر على الكبار العمل بها لاسباب نفسية واجتماعية. ـ المهن التي تدار من قبل وسط عائلي فهناك مشاريع تديرها العائلة بكامل افرادها مثل معامل الطابوق حيث تسكن والعائلة بجانب المعمل فيقوم جميع افرادها بالعمل والتناوب عليه. وكذلك ترتفع نسبة زيادة تشغيل الاحداث في فترات العطل الصيفية والربيعية. الاطر القانونية وشروط التشغيل وماهي الاطر القانونية والادارية لهذه الظاهرة؟ يجيب الباحث ابراهيم نعمة قائلاً ـ ان تعليمات الوزارة المرقمة 19 لسنة 1978 قد حددت المهن والاعمال التي لايجوز تشغيل الاحداث فيها مثل الاعمال المرهقة او الضارة او تسبب امراضا او تسممات وامراضا معدية او تؤدي الى سوء سلوك الحدث في اطلاقه ومن هذه الاعمال التي لايجوز اشتغال الاحداث فيها او دخول اماكنها الاعمال التي تجري على ظهر السفن واعمال المقالع والبناء والمهن والاعمال التي تدخل فيها مادة الرصاص والمهن التي تتداول فيها نسبة السموم والمبيدات المستعملة في مكافحة الحشرات ورش المستنقعات والمهن والاعمال في معامل الغزل والنسيج والاعمال والمهن في الصناعات الجلدية والدباغة واعمال الاسفلت والقير والاماكن التي تتحقق فيها درجات الحرارة عن 25 بالمائة او التي ترتفع عن 45 بالمائة واماكن العمل التي ترتفع فيها درجات الضوضاء عن 85 ديسيبل ومعامل المواد الكيمياوية او الاعمال التي تؤثر على الاخلاق والصحة العامة مثل محلات بيع وشرب الخمور والملاهي الليلية والمراقص. لذا فان اشتغال الحدث دون السن القانونية مخالف للاحكام القانونية بسبب كون الحدث لايملك الاهلية القانونية للتعاقد وان عملية انهاء خدماته لها اثار وخيمة على المجتمع. وهل هناك شروط معينة لتشغيل الاحداث؟ يقول السيد ابراهيم نعمه: نعم لقد الزم قانون العمل رقم 71 لسنة 1987 اصحاب العمل عند تشغيل الاحداث ثبوت لياقتهم البدنية بموجب تقرير طبي ولايجوز تشغيله اكثر من سبع ساعات يوميا على ان تتخللها فترة استراحة لاتقل عن ساعة واستحقاقه للاجازات الاعتيادية السنوية البالغة 30 يوما واحتفاظه بسجل خاص باسماء الاحداث وتواريخ اسقبالهم وعرضهم للفحص الدوري وتعليق نسخة من تعليمات تشغيل الاحداث في لوحة الاعلانات في المشروع واستحقاق الحدث لكامل حقوقه القانونية عند تعرضه لحادث اصابة تؤدي الى العجز او الوفاة. وهل من معالجات للحد من تفاقم هذه الظاهرة؟ ـ ان الاسلوب القسري في منع تشغيل الاحداث في المشاريع الخدمية والصناعية والتجارية غير مجد وقد يقود هؤلاء الاحداث الى التسول والجنوح وسلوك انماط غير قويمة ومن هنا يمكن الاتجاه الى معالجة الاوضاع الاقتصادية لكافة فئات المجتمع وخصوصاً العوائل الفقيرة ومحدودة الدخل وتنشيط دور المدرسة في استيعاب وقت الحدث لاكبر فترة ممكنة مثل اقامة الدورات العلمية والانشطة غير المدرسية والفنية لغرض تقليل فترة تواجده خارج المدرسة. ومعالجة ظاهرة التسرب من المدرسة بالوسائل المشجعة وترغيبه بالتعليم وتفعيل دور الجمعيات الانسانية الخاصة بالطفولة والاحداث للحد من ظاهرة التشرد كانشاء النوادي الرياضية والتجمعات الكشفية والجمعيات الانتاجية والخدمية. والاهتمام بمراكز التدريب لاجتذاب الاحداث وتدريبهم على المهن التي يحصل فيها الحدث على مردود مالي واقتصادي ومهني.وعن القوانين والتشريعات التي تكفل حقوق الطفل ولاتسمح باستقلاله والاجراءات الرسمية وما يترتب على الذين يخالفون القوانين قال سعد سعيد مجيد علي مدير عام الرعاية الاجتماعية التابعة الى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عالج قانون العمل في العراق عملية تشغيل الاطفال دون سن( 15 ) سنه ومنع اشتغالهم او تشغيلهم بأي قطاع سواء كان خاصاً أوعاماً ولم تستثن الا الحالات الخاصة التي تبناها القانون رقم( 126 ) لسنه 980 الذي حدد الاسباب الموجبة لذلك بحاجة العائلة الى تشغيل احد اطفالها لمساعدتها في العيش كما نصت بعض مواده على جواز اشتغال ذوي القربى لمساعدة ذويهم. في بعض الاعمال ولايجوز عدا هذه الحالات.. وتشغيل ممن هم دون الخامسة عشرة باي نشاط ولكن هذا التشريع لم يمنع حصول مخالفات وتشغيل واستغلال اطفال لاسباب مادية بحتة تتعلق كما هو معلوم بسببين اولهما ان اجور الاطفال متدنية والاخر عدم استيفاء التوقيفات التقاعدية عنهم وشمولهم بقانون الضمان الاجتماعي.. وقد واجهت السلطات المعنية الكثير من المصاعب عند متابعتها هذا الموضوع ومن ابرز تلك المصاعب هي ادعاءات اصحاب العمل ان من يعمل بمعيتهم هم اولادهم أقرباؤهم.. المعطيات الجديدة واكد السيد المدير العام ان وزارة العمل تسعى لاعادة النظر بقوانين العمل وفق فلسفتها الجديدة والواقع وتلافي النقص الذي لم تعالجه القوانين السابقه وهي بالتأكيد ستكون بمستوى الحاجة لاستيعاب المتغيرات التي تحاكي الواقع الجديد لاسيما وان التوجهات نحو اقتصاد السوق ونظام التجارة العالمي والعالم الحر وهذه الفلسفات ستفرض خطوات تتناغم مع تلك الاتجاهات بعدما كانت القوانين السابقة تقترب من حيث الشكل من الفلسفة الاشتراكية والنظام الاحادي وهي في الواقع عبارة عن صياغات نظرية لاتمت بصله الى الواقع الحقيقي للعراق. ورغم هذا الوضع غير المحسوم لحد الان فان دائره الرعاية الاجتماعية تعمل على رعاية الشرائح ذات الاحتياجات المهمة والملحة على مستوى الفرد والاسره وخاصة شرائح الايتام وفاقدي الرعاية الاسرية ومجهولي الابوين والمشردين والمعوقين والمتخلفين نسبياً وعقلياً ولايمكن ان نغفل ان نهجنا سيقوم على المبدأ التربوي وهذا هو هدف الوزارة وان المتعامل مع شرائح المجتمع لايمكن ان يكون بعيداً عن الاسس النظرية والاجتماعية وعن سؤال الصباح بصدد المتسولين والمتشردين والمستغلين قال: الذي حصل هو ان المعلومات التي نشرت او تم تداولها كانت مبالغاً بها وصحيح ان هذه الظاهرة ازدادت وهذا امر طبيعي في ظرف مثل ظرف العراق ولكن اذا اردنا ان نجري مسحاً عاما فسنجد ان ظواهر التشرد والادمان بين صفوف الاطفال والشباب مرتفعة في بلدان لاتعاني ماعانى العراق واذا تحدثنا بمنطق علم الاجتماع فان كل الظروف مهيأة لتصوغ الفعل الاجرامي والعراق يمر بظروف عارضه كما يقال كذلك هنالك تداعيات كثيرة واسباب عديدة منها اقتصادية وتربوية واسرية وحتى التناقضات بالعملية التعليمية تؤدي احيانا الى الانحرافات ومن العوامل المهمة في هذا المجال وجود قيادات في مجال التعليم لاتتمتع بالحد الادنى من المواصفات الاخلاقية.. وهذا يعني ان سرقه الطالب واستغلاله بشتى الطرق عوامل تؤثر في حياة الطفل مبكراً ويستطيع بسلوكيات خاصة يقتبسها من معلميه تنفيذ الكثير كذلك هنالك فقدان للجوانب الروحية والاسرية والدينية وللاعراف والتقاليد ولم يعد الطفل يرجع الى المجتمع بقدر ما يرجع الى ابويه. القوانين واستغلال الاطفال اما عن دور وزارة العمل في معالجة هذا الخلل فيقول السيد المدير العام لدائرة الرعاية الاجتماعية هنالك ضعف في تطبيق القوانين التي تمنع استغلال الاطفال لاسباب كثيرة ولكن الدور الرئيس للوزارة يتمحور في تنشيط اعمالها الخدمية وهي محدودة لان المتقدمين الى الدور الايوائية كبير والى معاهد التأهيل المهني وان كل ما يقدم اونحاول لايرقي الى مستوى الطموح.. اما حقوق الطفل وهي محورحديثنا فهي كما اشارت الى ذلك القوانين الوطنية والمواثيق الدولية تعتبر حقوقاً شاملة اذا اردنا ان ننظر اليها بصورة اعم فهي تبدأ بالفرد والاسرة والمجتمع وكلما تطورت او تقدمت حالات احترام الفرد انعسكت على المجتمع والموضوع لايتعلق بحالات فردية اسمها حقوق الاطفال انما يأخذ مساحة أشمل في المعالجة وهي حقوق الاب والام والاسرة والمجتمع لاننا اذا احترمنا الكبير ونال حقوقه نال الطفل حقوقه كاملة وفي ضوء قوانين الطفولة.. والنظم السياسية في العالم وطبيعتها هي التي تحدد حقوق الطفل لان ذلك يرتبط بوعي النظام ونظرته واسلوبه في الحكم ومدى التزامه بالمبادئ الديمقراطية فكم دولة في العالم تلتزم بالمبادئ الحقه كحقوق الانسان وكم دولة ترفع شعارات حقوق الادميين والحقيقة عكس ذلك. وفيما يتعلق بمستجدات اعمالهم قال: كل ماأنجز حتى الان لايتعدى المعالجات الفردية ولم يرتفع الى مستوى العمل الشامل الذي يستند على الاحصائيات العلمية الدقيقة وان كل الذين رفعوا شعار العمل الانساني من منظمات انسانية ووطنية ودولية لم يتعد ايضاً تفكيرها بالكسب المادي. فالمهام أمام الوزارة اكبر مما تتصور ولابد من احصائيات دقيقة وتضافر جهود مخلصة من اجل وضع برامج ونظم نستطيع من خلالها ان نرفع مستوى المواطن ويسبب من اجل اطعامه فقط وهذا الهدف الذي نسعى اليه.. والطفل يأتي في مقدمة الاهتمامات الفعلية للوزارة.