عبد الله بن عباس
--------------------------------------------------------------------------------
ترجمان القرآن
أتعلم من يكون عبد الله بن عباس رضي الله عنه، إنه ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي لازمه منذ الصغر.. لقد أدرك صغيراً أن نجاحه وفلاحه بالقرب من مهبط الوحي رسول لله صلى الله عليه وسلم. فتفوق في علمه ونبوغه حتى صار ترجمان القرآن وبحر العلم. آتاه الله فهماً لآياته، لم يُؤته أحدٌ سواه.
ألا تحبون أن نفتح نافذة على حياة هذا الصحابي الجليل ونقتطف بعض القبسات!! إذن هلمُّوا...
إنه الجنين الذي اهتم به النبي عليه الصلاة والسلام وهو في بطن أمه التي كانت ثانية امرأة في الإسلام. أسلمت قبل زوجها أبي الفضل العباس بن عبد المطلب، عم الرسول صلى الله عليه وسلم. كانت حاملاً به عندما حاصرت قريش بني هاشم وقاطعتهم في الشعاب، وكابدت ما كابدت من ضيق العيش وألم الحمل. حتى وضعته وأتت به الرسول صلى الله عليه وسلم فسماه عبد الله وحنّكه بريقه الكريم وقال لها صلى الله عليه وسلم: "اذهبي به لتجدِنَّه كيِّساً" .
وشبَّ عبد الله غلاماً يافعاً والرسول صلى الله عليه وسلم يتعهده بالاهتمام والتعليم والتوجيه ويمسح على رأسه ويدعو له: "اللهم فقهه في الدين، وعلِّمه التأويل".
وهاهو ذا عليه الصلاة والسلام يعلمه مبادئ الإسلام وقواعد الإيمان بعد أن أجلسه خلفه على دابته صلى الله عليه وسلم، فقال له : يا غلام... أَلا أُعلمك كلماتٍ ينفعك الله بهن؟!
فقال ابن عباس رضي الله عنه متشوقاً متطلعاً: بلى يا رسول الله.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجدهُ أمامكَ. . . تعرَّف على الله في الرَّخاء يعرفْك في الشِّدة.. إذا سألت فاسألِ الله .. وإذا استعنت فاستعن بالله.. واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيٍْ لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك. واعلم أنهم لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضرُّوك إلا بشيء قد كتبه الله عليكَ، رُفعت الأقلام وجفَّتِ الصّحف).
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسرُّ بابن عباس وهو يسأل سؤالاً يدل على مقدرة كبيرة في الفهم والذكاء... وربما ضمه صلى الله عليه وسلم إلى صدره الكريم واستأنس بحديثه.
وقد أكرم الله عز وجل ابن عباس رضي الله عنه، بكرامات منذ أن كان غلاماً صغيراً، ومن هذه الكرامات رؤيته لجبريل عليه السلام مرتين كما أخبر ابن عباس رضي الله عنه.
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ممن يعرف فضل ابن عباس رضي الله عنه فكان يدخله معه على كبار أشياخ الصحابة، مما جعل ذلك مثار استغراب من الصحابة.
وفي ذات يوم صحب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ابن عباس معه في مجلس ضمّ كبار الصحابة، وسألهم ما تقولون في قول الله تعالى: {إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ، وَرَأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوّاباً} [النصر: 110/1-3]
فقال ابن عباس رضي الله عنه:
هو إخبار بقرب أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه إياه.
قال عمر: والله ما علمت منها إلا ما تقول يا ابن عباس.
وبعد انتقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، مضى ابن عباس يتعلم القراءة والكتابة ليدوّن كل ما ينقله عن كبار الصحابة، حتى صار تُرجماناً للقرآن كما تنبأ له صلى الله عليه وسلم.
علمٌ وورعٌ وتقوى، ذلك كان الغلام الشاب ابن عباس منذ أن كان صغيراً في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.